في كل يوم تثبت المدونات قدرتها الفائقة على تفادي عوائق النشر وصعوبة الوصول لتنقل بالصوت والصورة الحدث بعيدا عن مقصات الرقيب، هذا ما يؤكده مشهد الفيديو الذي التقطه أحد الهواة عبر هاتفه النقال لحالة إعدام بحق شاب ملتحِ في أحداث غزة المؤسفة الأخيرة والذي تضاربت الأنباء حول نجاته من موته المحتم. الجزيرة توك بحثت في الأمر وبعد جهد استطاعت الحصول على اسمه والتأكد من أنه حي لتنفرد بحوار خاص معه ليتحدث عن حقيقة ما جرى معه ..
بداية حمدا لله على سلامتك وبارك الله في عمرك، عرفنا على نفسك ؟
أدهم شاهين " 22عاما " من النصيرات أدرس إرشاد نفسي في جامعة الأقصى في الفصل الأخير، وأعمل في الأمن والحماية
ما الذي أوصلك إلى المكان رغم الأوضاع الصعبة التي كانت تشهدها غزة في ذلك الوقت ؟
كنت ذاهبا إلى عملي في مقر القوة التنفيذية بالقرب من ملعب فلسطين والذي قصف بعد يومين من قبل قوات الاحتلال، و عادة المواصلات مؤمنة من العمل ذهابا وإيابا إلا أنه في هذا اليوم الثلاثاء 15_5 اتصلوا بي وأخبروني أن الأوضاع صعبة ولم تتمكن السيارة من القدوم إلينا، فانتظرت في الموقف وقتا طويلا تجاوز الربع ساعة وأنا أبحث عن سائق أعرفه لأركب مطمئنا أن يوصلني لمكان عملي إلى أن يئست بعد مرور الوقت وركبت بسيارة عادية من النصيرات متوجها للعمل فأنزلني السائق بعد دوار السرايا بقليل، وكان ذلك الساعة 8:10 صباحا وكانت الأوضاع هادئة ولم أسمع طلقات نار، ولأن المقر قريب قررت أن أسير قليلا لأصل إليه .
بعدها ماذا حصل معك ؟
وأنا أسير متجها للعمل تفاجأت بمجموعة من المسلحين مقنعين على اليمين واليسار من الشارع يتجاوز عددهم العشرة وأجسام غالبيتهم ضخمة يحملون سلاحا من نوع إم 16 وقذائف أربجي، إضافة إلى عدد من المسلحين الذين يعتلون برجا مرتفعا في المنطقة اسمه برج الجوهرة، حاولت الرجوع قليلا وإيقاف سيارة لتقلني، لكن لم أتمكن فأمسكني اثنين منهم من أكتافي وأول كلمة قالوها لي " متقلقش ياشيخ إحنا كفار " بعد ذلك سألوني أين تذهب فأجبت إلى عملي، سألوني وأين عملك فقلت لهم في الداخلية رغم أنني أعمل في الأمن والحماية لكن حتى أكف شرهم عني، وبالطبع سرقوا مني هاتفي النقال وبطاقتي ومالي و أوراقي الشخصية.
هل كنت تمتلك أي نوع من أنواع السلاح ؟
لا بالمطلق لم يكن معي سلاح أو ذخيرة وحتى لو كان أي أحد يمتلك سلاحا فلن يستطيع رفعه لأن أصابعهم على الزناد فأي حركة ستلاقي زخات رصاص، ما كان معي هاتفي النقال وبعض المال وهويتي وأوراقي الرسمية وأخذوها مني جميعها.
في اللحظات التي قبضوا عليك فيها ماذا فعلت ؟
في اللحظة التي أمسكوني بها وقالوا اذهبوا به إلى السرايا عرفت أنها النهاية ولابد أن أخلص نفسي فكنت أفكر وأحاول البحث عن طريقة للهروب من أيديهم وأفلتت منهم بعد أن دفعتهم بيدي وتمكنت من الهرب، في هذه اللحظات كان الرصاص كالمطر ولكن كان هدفي الخلاص منهم بأي ثمن وذهبت بين ثلاث سيارات ولا زال إطلاق النار من كل جانب ومن فوق برج الجوهرة وأصبت في الصدر واليد أكثر من إصابة إلا أن حلاوة الروح اشد، فكنت أتلقى الرصاص بجسدي وأحاول الفرار، ما أوقفني عندهم هو إصابتي في ركبتي، عندها لم أتمكن من المسير إلا أنني رغم ذلك وضعت قدمي المكسورة على قدمي الأخرى وبدأت أزحف، زحفت ما يقارب متر ونصف وما كان يشجعني أني رأيت سيارة رينو ونزل منها سائقها لكنهم أطلقوا النارعلى السيارة وكانوا يقولوا اللي بدو يسعفوا حنطخوا.
في لقطة من الفيديو نظرت إلى يدك وأمسكتها، وأنت تزحف ؟
في هذه اللحظة أطلقوا النار علي فأصبت بكف يدي فأمسكتها ونظرت إليها وبعدها عدت أزحف، مابين إصابة يدي وركبتي أقاوم الموت
حدثنا عن آخر اللحظات التي عشتها وأنت مازلت في وعيك ؟
لا زلت أقاوم الموت إلى أن أيقنت أن هذه اللحظات الأخيرة من عمري وخاصة بعد أن منعوا كل من حاول إسعافي وتيقنت أن قدر الله لعمري أن ينتهي فاجتهدت بالزحف واتجهت نحو القبلة ونمت على الجانب الأيمن وتشهدت" أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله " 3 مرات وبعدها نمت ودخلت في غيبوبة لم أستفق منها إلا الساعة الواحدة وأنا تحت تأثير البنج إلا أني بفضل الله تمكنت من إعطاء رقم تلفون بيتنا للدكتور
من أوصلك إلى المستشفى وكيف .؟
لا أعرف إطلاقا، أنا دخلت بغيبوبة أفقت منها هنا وحاولت أن أسأل الأطباء والاستقبال إلا أن أحدا لم يعرف من أوصلني.